لقد عرت جائحة كورونا سياسة المتاجرة بالصحة العمومية على الصعيد العالمي عامة و الجزائر خاصة . إن السياسات الليبرالية لقطاع الصحة أدت الى هدم برنامج الصحة الوقائية و تعويضها بسياسة صحية موجهة الى الافراد . أصبحت الصحة سلعة في يد الشركات المتعددة الجنسيات و الرأسمالية , خير دليل على ذلك هو الأرباح الضخمة التي تجنيها تلك الشركات بسبب المتاجرة باللقاح المضاد للكوفيد 19 .
لقد فشلت الجزائر في تسيير جائحة كورونا , و هذا الفشل هو نتيجة حتمية لسياسة اعادة هيكلة و خوصصة قطاع الصحة , هذه الإصلاحات أثرت سلبا على الهياكل الصحية و الوسائل , والتقليص من عدد عمال قطاع الصحة . كما شجعت على ظهور قطاع خاص طفيلي يفلت من كل رقابة , هذا ما أد الى تواجد منظومتين للصحة واحدة موجهة للأغنياء و أخرى للسواد الأعظم من الناس . إن نقص الاكسيجين في المستشفيات هو نتيجة مباشرة لخوصصة شركات وطنية كانت تنتج الأكسجين .
-في بداية الموجة الأولى لجائحة كورونا , كانت الجزائر قد انتهجت سياسة سيادية , تمثلت في اعلان الحجر المنزلي مع عدم تجميد الأجور , لكن صندوق النقد الدولي كان ضد هذا النهج , هذا ما دفع بهذا النظام الفاقد للشرعية الى تغير طريقة تعامله حاليا مع جائحة كورونا حيث فضل الحل الردعي و الأمني . فالنظام رغم تبجحه إلا انه فشل في استباق هذه الكارثة .
منذ 2020 لم يتخذ النظام الإجراءات الضرورية للقضاء على هذه الجائحة , بل لم يقدم أية مساعدة فعلية للمرضى , بالإضافة الى 500000 عامل الذين فقدوا مناصب شغلهم . رغم أن الأعراض المرتبطة بالكورونا تستمر طويلا في الظهور , للأسف لم يتم الاعتراف بها ضمن الأمراض المهنية . لقد انسحبت الدولة من دعم القطاع الصحي المجاني , و تركت المجال مفتوحا للخواص و البزناسية و كل أنواع الطفيليين . فكل الفحوصات و التحاليل الطبية المرتبطة بكورونا تدفع من جيب المواطن , كما أن بتاريخ 30 جوان 2021 , قرر الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي عدم دفع 50 بالمئة من المصاريف المرتبطة بعلاج الكورونا .
لقد استغل النظام السياسي هذا الوضع الصحي لسن قوانين ضد ديمقراطية , و الزح بالعديد من مناضلي الحراك و من شتى الأطياف الى السجون . هذه القوانين المجحفة يستعملها أراب المال في كل القطاعات من أجل تسريح العمال ( قطاع البناء , سامحا برانت , نوميلوق …)
إن عدم دعم الدولة لقطاع الصحة سبب كوارث حقيقية على صحة المواطن المقهور , فالكثير يموتون لأنهم لا يستطيعون دفع تكاليف العلاج في البلدان الاجنبية , كما نلاحظ أيضا الموتي في المستشفيات بسبب نقص الأكسجين . على طرف النقيض نعيش هبة شعبية , تضامن , تلاحم بين أبناء الشعب البسيط لجمع التبرعات أو اقتناء اجهزة التنفس الإصطناعي , أو محطات توليد الأكسيجين في المستشفيات . إن هذه الهبة تعتبر تضامن و ليس تسول . لا يجب أن يستغل هؤلاء البترونا الفرصة للإستلاء على قطاع الصحة العمومي و المجابي , بل الدولة يجب أن لا تخوصص القطاع الصحي .
رغم أن الحجر الصحي يمنع من انتشار جائحة كورونا , الا أن الحجر المنزلي لا يطاق إن لم نوفر شروط العيش الكريمة للجماهير الشعبية مثل ( منح راتب شهري لكل شخص في الحجر , التوفير المجاني للكمامات وو سائل التعقيم و التحاليل الطبية و أجهزة الكشف و الأدوية ) . كما أن تسخير العيادات الخاصة و مخابر التحاليل الطبية المختلفة أصحت ضرورة ملحة للتصدي لهذه الكارثة الصحية .
وراء التسيير الأمني لجائحة كورونا , يقوم النظام السياسي بغلق كل الفضاءات الديمقراطية , و قمع كل أشكال الحريات . أما الذين يشوهون و يتهجمون على كل أشكال الإحتجاجات و المظاهرات , فنرد عليهم : في اطار احترام اجراءات الوقاية من انتشار الوباء , تبقى المضاهرات في الشوارع حل من اجل الدفاع عن حقوقنا .
يجب أن نضم صوتنا الى صوت الذين ينادون عبر العالم الى تأميم الاختراعات العلمية في ميدان اللقاح , وجعلها ملك للبشرية جمعاء . إن حياتنا أغلى من أرباحهم .
الأمانة الوطنية : 31 جويلية 2021